شكّلت دولة الإمارات بيئة جاذبة ونموذج للتواصل بين الشعوب من مختلف الثقافات، والتعايش ضمن نسيج مجتمعي متلاحم مع قيادته الحكيمة. التنوع السكاني في الإمارات أصبح مصدر قوة، جاذباً لأصحاب الكفاءات ورواد الأعمال والسواح إلى الإمارات، وذلك جزء أصيل من قيم الإمارات في نشر التسامح والتعايش ورفض التمييز والكراهية. وفي السنوات الأخيرة عملت الإمارات على تأكيد جهودها في التصدي للتهديدات العابرة للحدود بعدما شهد العالم زيادة كبيرة في العنف وخطاب الكراهية ضد الأجانب والتعصب الديني وأشكال أخرى من التمييز.
فقد عززت الإمارات قوانيها وسياساتها لتحقيق التعايش السلمي عبر إصدار قانون مكافحة التمييز والكراهية في عام 2015 بهدف إثراء ثقافة التسامح العالمي، ومواجهة مظاهر التمييز والعنصرية، أياً كانت طبيعتها، عرقية، أو دينية، أو ثقافية. وفي عام 2016 تم تأسيس أول وزارة للتسامح على مستوى العالم وإعلان برنامج التسامح الوطني. ولمواصلة الإمارات الجهود الحثيثة أعلنت عام 2019 عام التسامح لتسليط الضوء على أهمية تقبل الآخر والانفتاح والتعاطف وإظهار الحب تجاه جميع البشر. وتم تتويج هذا العام بتوقيع «وثيقة الأخوة الإنسانية» في 3 فبراير في أبوظبي من خلال فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف وقداسة البابا فرانسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، حيث تركز الوثيقة على عدد من النقاط المهمة، من أبرزها «التأكيد على أن الأديان لم تكن قط مثيرة للعنف وإراقة الدماء». ولقد تم الاعتراف التاريخي بوثيقة الأخوة الإنسانية من خلال اعتماد الأمم المتحدة بالإجماع على أن الرابع من فبراير هو بمثابة اليوم الدولي للأخوة الإنسانية من كل عام، وسيكون احتفال المجتمع الدولي لهذة المناسبة ابتداءاً من عام 2021. تخصيص هذا اليوم دعوة تشمل جميع دول العالم من أجل تعزيز التقارب الثقافي والترويج لثقافة السلام، من خلال زيادة الوعي بين القيم الإنسانية المشتركة والتفاهم بين الجميع على كافة الأصعدة المحلية والإقليمية والعالمية. يأتي ذلك ضمن مبادرة قدمتها كل من الإمارات ومملكة البحرين وجمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية.
ولا يوجد أدنى شك في أن الدبلوماسية الإماراتية متعددة الأطراف نجحت في إعطاء القيمة لجميع شعوب العالم ومن مختلف الأديان والمعتقدات الإنسانية من خلال الذكرى السنوية ليوم الأخوة الإنسانية، بما يعزز الحوار البنّاء بين الأديان واحترام الثقافات. وإقرار الأمم المتحدة لليوم العالمي للأخوة الإنسانية سيؤتي ثماره من خلال نبذ الانقسامات والتطرف وزيادة التعاون الدولي في جميع المجالات الحيوية، وأهمها الاستجابة العالمية للأزمات والأوبئة، التي ما لبثت الإمارات في مساعدة جميع دول العالم دون استثناء في مكافحة جائحة كوفيد 19.
هذا الاعتراف العالمي بهذه المناسبة بعد ثلاثة أسابيع من اليوم يقدم حلولاً كثيرة لفئات سلبية، تهدد الأمن والسلم الإقليمي والدولي على حد سواء، فهي من ناحية تتصدى لموجات التطرف والتعصب، ومن ناحية أخرى تؤسس لقيم إنسانية في التضامن مع البشر.